ثالثا : الرجاء :
الرجاء عبادة عظيمة من العبادات ، والدليل على أنها عبادة قوله تعالى ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾[الكهف:110].
والرجاء عبادة قلبية يجب أن يفرد الله بها ، حقيقتها الطمع بالحصول على شيء مرجو, الرغبة بالحصول على شيء، يرجو أن يحصل على هذا الشيء.
لكن هل كل رجاء لغير الله شرك ؟
الجواب:
الرجاء أقسام :
الأول : رجاء الله سبحانه وتعالى في أمورك كلها فهذا عبادة ، وتوحيد ، ومدح الله قائله كما في الآية السابقة .
الثاني : رجاء المخلوق ، وهذا أنواع :
الأول : أن يطمع في شيء لا يملكه إلا الله جل وعلا، أن يطمع في شفائه من مرض، يرجو أن يشفى، يرجو أن يدخل الجنة وينجو من النار، يرجو أن لا يصاب بمصيبة ونحو ذلك، يرجو نزول المطر ، يرجو التوفيق في الحياة ، هذه أنواع من الرجاء، لا يمكن أن تُرجى وتُطلب وتُؤمل إلا من الله جل وعلا، وهذا هو معنى رجاء العبادة. هذا النوع صرفه لغير الله عزوجل شرك أكبر ، وضابطه أن يرجو مخلوقا في شيء لا يقدر عليه إلا الله عزوجل ، كمن يرجو أن ينجحه البدوي في الاختبار ، أو يرجو أن ينصره علي بن أبي طالب بعد موته.
الثاني : أن يرجو المخلوق في شيء يقدر عليه ويملكه ، ولكنه يعلق قلبه على هذا المخلوق ، وينصرف إليه القلب انصرافا تاما ، فيعتمد على هذا السبب اعتمادا كليا فهذا من الشرك الأصغر ، مثل أن تعتمد عليه أن يعطيك مالاً ، فأنت واثق بأن يعطيك ، أو أن تطمع في مهارة الطبيب ، فتثق بحصول الشفاء وهذا من الشرك الأصغر .
ويدخل في هذا النوع أن يطمع ويتوقع ويرجو الشفاء والخير من الله لكن بوسيلة محرمة كمن لبس حلقة أو خيط على أن تكون سبباً للشفاء أو فعل ما يسمى بالشبكة يطمع من الله أن تكون سبب الألفة والاشتباك بين الزوج والزوجة ، وهذا من الشرك الأصغر كما في حديث عقبه بن عامر مرفوعاً [ من تعلق تميمة فقد أشرك ].
النوع الثالث : أن يرجو المخلوق في شيء يقدر عليه ، ويملكه لكنه لا يعلق قلبه بالمخلوق ، بل يجعله سببا ، ويعتمد على الله عز وجل ، ويعلم أن ما قدره كان وما لم يقدره لم يكن ، وهذا هو الرجاء الطبيعي مثاله أن يقول : أرجو أن تحضر لأنه يمكنك أن تحضر، أرجوك أن تفعل، يمكنك أن تفعل، هذا الرجاء ليس هو رجاء العبادة.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - عن هذه الألفاظ " أرجوك " ، " تحياتي " ، و " أنعم صباحاً " ، و " أنعم مساءً " ؟
فأجاب بقوله :
[ لا بأس أن تقول لفلان " أرجوك " في شيء يستطيع أن يحقق رجاءك به .
وكذلك" تحياتي لك " ، و " لك منى التحية " ، وما أشبه ذلك لقوله تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) النساء/86 ، وكذلك " أنعم صباحاً " و " أنعم مساءً " لا بأس به ، ولكن بشرط ألا تتخذ بديلاً عن السلام الشرعي ] .
" المناهي اللفظية " ( السؤال الثامن ) .
فالرجاء منه ما هو رجاء عبادة ومنه ما هو رجاء ليس من العبادة، والمقصود ها هنا هو رجاء العبادة ؛ وهو الرجاء في شيء لا يقدر عليه إلا الله وحده لا شريك له.
هذا النوع من الرجاء – رجاء العبادة – هو الذي من صرفه لغير الله فقد أشرك – عياذا بالله - وقد امتدح الله جل وعلا من قام به، قال : مَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا فدل على أن هذا الرجاء ممدوحٌ مَنْ رجاهُ، وإذا كان ممدوحا قد مدحه الله جل وعلا فهو مرضي عند الله جل وعلا، فيصدق عليه حد العبادة من أنها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، وهذا من نص هذه الآية داخل فيما يرضاه الله جل وعلا، لأنه أثنى على من قام به ذلك الرجاء، وقوله هنا فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ،
والمراد باللقيا هنا الملاقاة الخاصة ، لأن اللقيا على نوعين :
الأول : عامة لكل إنسان ، قال تعالى : يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه [ الانشقاق : 6 ] ، ولذلك قال مفرعاً على ذلك : فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً [ الانشقاق : 7 ] وأما من أوتي كتابه وراء ظهره - .. الآية [ الانشقاق : 10] .
الثاني : الخاصة بالمؤمنين ، وهو لقاء الرضا والنعيم كما في هذه الآية ، وتتضمن رؤيته تبارك وتعالى ، كما ذكر بعض أهل العلم .
فقوله : فليعمل عملاً صالحاً الفاء رابطة لجواب الشرط ، والأمر للإرشاد ، أي : من كان يريد أن يلقي الله على الوجه الذي يرضاه سبحانه ، فليعمل عملاً صالحاً : والعمل الصالح ما كان خالصاً صواباً .
وهذا وجه الشاهد من الآية .
فالخالص : ما قصد به وجه الله ، والدليل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : " إنما الأعمال بالنيات " أخرجاه.
والصواب : ما كان على شريعة الله ، والدليل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا ، فهو رد " أخرجه مسلم والبخاري معلقا.
ولهذا قال العلماء : هذان الحديثان ميزان الأعمال ، فالأول : ميزان الأعمال الباطنة . والثاني : ميزان الأعمال الظاهرة .
والحمد لله رب العالمين
عن (علي الفضلي ).
الرجاء عبادة عظيمة من العبادات ، والدليل على أنها عبادة قوله تعالى ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾[الكهف:110].
والرجاء عبادة قلبية يجب أن يفرد الله بها ، حقيقتها الطمع بالحصول على شيء مرجو, الرغبة بالحصول على شيء، يرجو أن يحصل على هذا الشيء.
لكن هل كل رجاء لغير الله شرك ؟
الجواب:
الرجاء أقسام :
الأول : رجاء الله سبحانه وتعالى في أمورك كلها فهذا عبادة ، وتوحيد ، ومدح الله قائله كما في الآية السابقة .
الثاني : رجاء المخلوق ، وهذا أنواع :
الأول : أن يطمع في شيء لا يملكه إلا الله جل وعلا، أن يطمع في شفائه من مرض، يرجو أن يشفى، يرجو أن يدخل الجنة وينجو من النار، يرجو أن لا يصاب بمصيبة ونحو ذلك، يرجو نزول المطر ، يرجو التوفيق في الحياة ، هذه أنواع من الرجاء، لا يمكن أن تُرجى وتُطلب وتُؤمل إلا من الله جل وعلا، وهذا هو معنى رجاء العبادة. هذا النوع صرفه لغير الله عزوجل شرك أكبر ، وضابطه أن يرجو مخلوقا في شيء لا يقدر عليه إلا الله عزوجل ، كمن يرجو أن ينجحه البدوي في الاختبار ، أو يرجو أن ينصره علي بن أبي طالب بعد موته.
الثاني : أن يرجو المخلوق في شيء يقدر عليه ويملكه ، ولكنه يعلق قلبه على هذا المخلوق ، وينصرف إليه القلب انصرافا تاما ، فيعتمد على هذا السبب اعتمادا كليا فهذا من الشرك الأصغر ، مثل أن تعتمد عليه أن يعطيك مالاً ، فأنت واثق بأن يعطيك ، أو أن تطمع في مهارة الطبيب ، فتثق بحصول الشفاء وهذا من الشرك الأصغر .
ويدخل في هذا النوع أن يطمع ويتوقع ويرجو الشفاء والخير من الله لكن بوسيلة محرمة كمن لبس حلقة أو خيط على أن تكون سبباً للشفاء أو فعل ما يسمى بالشبكة يطمع من الله أن تكون سبب الألفة والاشتباك بين الزوج والزوجة ، وهذا من الشرك الأصغر كما في حديث عقبه بن عامر مرفوعاً [ من تعلق تميمة فقد أشرك ].
النوع الثالث : أن يرجو المخلوق في شيء يقدر عليه ، ويملكه لكنه لا يعلق قلبه بالمخلوق ، بل يجعله سببا ، ويعتمد على الله عز وجل ، ويعلم أن ما قدره كان وما لم يقدره لم يكن ، وهذا هو الرجاء الطبيعي مثاله أن يقول : أرجو أن تحضر لأنه يمكنك أن تحضر، أرجوك أن تفعل، يمكنك أن تفعل، هذا الرجاء ليس هو رجاء العبادة.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - عن هذه الألفاظ " أرجوك " ، " تحياتي " ، و " أنعم صباحاً " ، و " أنعم مساءً " ؟
فأجاب بقوله :
[ لا بأس أن تقول لفلان " أرجوك " في شيء يستطيع أن يحقق رجاءك به .
وكذلك" تحياتي لك " ، و " لك منى التحية " ، وما أشبه ذلك لقوله تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) النساء/86 ، وكذلك " أنعم صباحاً " و " أنعم مساءً " لا بأس به ، ولكن بشرط ألا تتخذ بديلاً عن السلام الشرعي ] .
" المناهي اللفظية " ( السؤال الثامن ) .
فالرجاء منه ما هو رجاء عبادة ومنه ما هو رجاء ليس من العبادة، والمقصود ها هنا هو رجاء العبادة ؛ وهو الرجاء في شيء لا يقدر عليه إلا الله وحده لا شريك له.
هذا النوع من الرجاء – رجاء العبادة – هو الذي من صرفه لغير الله فقد أشرك – عياذا بالله - وقد امتدح الله جل وعلا من قام به، قال : مَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا فدل على أن هذا الرجاء ممدوحٌ مَنْ رجاهُ، وإذا كان ممدوحا قد مدحه الله جل وعلا فهو مرضي عند الله جل وعلا، فيصدق عليه حد العبادة من أنها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، وهذا من نص هذه الآية داخل فيما يرضاه الله جل وعلا، لأنه أثنى على من قام به ذلك الرجاء، وقوله هنا فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ،
والمراد باللقيا هنا الملاقاة الخاصة ، لأن اللقيا على نوعين :
الأول : عامة لكل إنسان ، قال تعالى : يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه [ الانشقاق : 6 ] ، ولذلك قال مفرعاً على ذلك : فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً [ الانشقاق : 7 ] وأما من أوتي كتابه وراء ظهره - .. الآية [ الانشقاق : 10] .
الثاني : الخاصة بالمؤمنين ، وهو لقاء الرضا والنعيم كما في هذه الآية ، وتتضمن رؤيته تبارك وتعالى ، كما ذكر بعض أهل العلم .
فقوله : فليعمل عملاً صالحاً الفاء رابطة لجواب الشرط ، والأمر للإرشاد ، أي : من كان يريد أن يلقي الله على الوجه الذي يرضاه سبحانه ، فليعمل عملاً صالحاً : والعمل الصالح ما كان خالصاً صواباً .
وهذا وجه الشاهد من الآية .
فالخالص : ما قصد به وجه الله ، والدليل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : " إنما الأعمال بالنيات " أخرجاه.
والصواب : ما كان على شريعة الله ، والدليل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا ، فهو رد " أخرجه مسلم والبخاري معلقا.
ولهذا قال العلماء : هذان الحديثان ميزان الأعمال ، فالأول : ميزان الأعمال الباطنة . والثاني : ميزان الأعمال الظاهرة .
والحمد لله رب العالمين
عن (علي الفضلي ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق